من الشمال من طريق المدينة المنورة دون التنعيم [١٢] ، عند بيوت نِفَار ثلاثة أميال. ومن الجنوب من طريق اليمن، طرف أضاة لَبَن على ستة أميال. وأضاة لبن، سميت كذلك لأن الجبل [١٣] المطل عليها يقال له: (لَبَن) بالتحريك، وقيل: بكسر اللام وإسكان الباء، (والأَضَاة) خَبْتٌ يجتمع سيل وادي مكة فيه، على وزن فتاة. ومن الغرب طريق جدة منقطع الأعشاش على عشرة أميال. و (الأعْشَاش) منطقة رملية تقع بين الحديبية وبين سلسلة جبال (المُرَيْر) و (الجوف) ، ويخترقها طريق جدة القديم. وأنصاب الحرم قبل الحديبية [١٤] بكيل ونصف، ومن الجنوب الشرقي من طريق الطائف على طريق عرفة من بطن نمرة على أحد عشر ميلاً. ومن الشمال من طريق العراق على ثَنيَّة خَلٍّ بالمُقَطَّع [١٥] ، على سبعة أميال.
و (ثنيَّة خل) يقال لها أيضاً: (خلِّ الصِفَاح) نسبة إلى أرض الصِفاح، وهي أرض بيضاء واسعة تقع ضمن (المغْمس الأفيح)[١٦] . أقول: تُسمى اليوم: الشرائع السُفلى، أو قرية المجاهدين.
ومن الشرق من طريق الجِعْرانة في شعب عبد الله بن خالد بن أُسيد [١٧] ، على تسعة أميال.
وعن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، قال: نصب إبراهيم أنصاب الحرم، يُريه جبريل عليه السلام، ثم لم تُحرَّك حتى كان قُصَي فجددها، ثم لم تُحرَّك حتى كان النبي صلى الله عليه وسلم، فبعث عام الفتح تميم بن أسيد الخزاعي فجدّدها [١٨] ، ثم لم تحرك حتى كان عمر بن الخطاب فبعث أربعة من قريش فجددوها: مخرمة بن نوفل، وسعيد بن يربوع، وحُويطب بن عبد العُزى، وأزهر بن عبد عوف، ثم جدَّدها معاوية، ثم أمر عبد الملك بتجديدها. وقيل: أن آدم عليه السلام لما أهبط إلى الأرض خاف على نفسه من الشياطين، فاستعاذ بالله، فأرسل الله تعالى ملائكة حَفَّوا بمكة من كل جانب، ووقفوا حواليها، فحرّم الله تعالى الحرم حيث وقفت الملائكة [١٩] .