للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال تعالى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} أي: فمن لم يجد هدياً فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم إلى أوطانكم، روى البخاري عن سالم بن عبد الله عن ابن عمر قال: "تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج، وأهدى فساق معه الهدي من ذي الحليفة، فأهلّ بعمرة ثم أهلّ بالحج فتمتعّ الناس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم".

فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم مكة قال للناس: "من كان منكم أهدى فإنه لا يحل لشيء حرم منه حتى يقضي حجه، ومن لم يكن منكم أهدى فليطف بالبيت وبالصفا والمروة، وليقصِّر، وليحللِّ ثم ليهل بالحج، فمن لم يجد هدياً فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله" [٧١] .

قوله تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} ، قال الطبري: اختلف أهل التأويل فيمن عني بقوله: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} ، بعد إجماعهم على أن أهل الحرم معنيون به، وأنه لا متعة لهم [٧٢] .

ومعنى لا يتمتع أهلها أي: لا يتمتعون بالعمرة إلى الحج، والتمتع أحد نسك الحج الثلاثة: القِران، والإفراد، والتمتع.

ولم يُلْزَمُوا بذلك لكونهم من حاضري المسجد الحرام، ومن رغب الحج منهم يُهِل من بيته، قال قتادة: "ذُكر لنا أن ابن عباس كان يقول: يا أهل مكة لامتعة لكم، أُحلت لأهل الآفاق، وحرِمت عليكم، إنما يقطع أحدكم وادياً - أو قال: "يجعل بينه وبين الحرم وادياً - ثم يُهل بعمرة" [٧٣] .

وعليه فمن جاء من أهل الحرم بعمرة في أشهر الحج وتحلل فهو متمتع لا دم عليه. ومن أحرم قارناً لا يطرح إحرامه حتى يتحلل التحلل الأول في اليوم العاشر من شهر ذي الحجة، بعد رمي جمرة العقبة، والحلق أو التقصير من شعره، ولا دم عليه.