ولكن الحكومات نفسها قد ضلت الطريق، فأضلت التابع لها {قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعاً قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لا تَعْلَمُونَ, وَقَالَتْ أُولاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ} فإن سلم الشباب من تلك لم يسلم من هذه، وإن اجتمعت عليهم القوى فقد قضي عليهم، ولا فائدة حينئذ ترجى.
وهذا هو الشيء المشاهد في كثير من البلدان الإسلامية فالسواد الأعظم من الشباب لا يعرف صلاة ولا صياماً، ولا أخلاقا فاضلة، يتردد على دور السينما والكبريهات ليل نهار، ويقضي كل وقته في لهو ولعب، وعبث ومجون، وخاصة إذا كان ذا ثروة، وفراغ، لا صلة له بالدين وأهله، يأكل ويشرب ويجيء ويذهب {كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً} .
إن الشباب والفراغ والجدة
مفسدة للمرء أي مفسدة
فلنتذكر إذاً الحديث الشريف:"كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته". ولنضعه أمام أعيننا فنحن مسئولون أمام الله يوم القيامة.
من خلق الإيثار وتفضيل الغير على النفس
روى الشيخان أنه نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم ضيف فلم يجد عند أهله شيئاً فدخل عليه رجل من الأنصار فذهب بالضيف إلى أهله ثم وضع بين يديه الطعام وأمر امرأته بإطفاء السراج، وجعل يمد يده إلى الطعام كأنه يأكل، ولا يأكل حتى أكل الضيف إيثاراً للضيف على نفسه وأهله فلما أصبح قال له رسول الله عليه الصلاة والسلام:"لقد عجب الله من صنيعكم الليلة بضيفكم", ونزلت آية:{وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} .