للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سابعاً: أنَّ النخلةَ فيها بركةٌ في كلِّ جزء من أجزائها، فليس فيها جزء لا يُستفاد منه، وهكذا الشأنُ بالنسبة للمؤمن، وقد جاء في صحيح البخاري في بعض ألفاظ حديث ابن عمر المتقدّم من رواية الأعمش، عن مجاهد، عن عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ من الشجر لما بركته كبركة المسلم ... "الحديث.

"وبركة النخلة موجودة في جميع أجزائها، مستمرّة في جميع أحوالها، فمن حين تطلع إلى أن تيبس تؤكل أنواعاً، ثم بعد ذلك يُنتفع بجميع أجزائها حتى النَّوى في علف الدوابّ والليف في الحبال وغير ذلك مما لا يخفى، وكذلك بركة المسلم عامّة في جميع الأحوال، ونفعُه مستمر له ولغيره حتى بعد موته" [٤٧] .

ثامناً: أنَّ النخلةَ كما وصفها النبيّ صلى الله عليه وسلم: "لا يسقط ورقُها"وبين المسلم والنخلة في هذا وجه شبه يتضح بما رواه الحارث بن أبي أسامة في هذا الحديث من وجه آخر عن ابن عمر، ولفظه: قال: "كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: "إنَّ مثل المؤمن كمثل شجرة لا تسقط لها أنملة، أتدرون ما هي؟ "قالوا: لا. قال: "هي النخلة، لا تسقط لها أنملة، ولا تسقط لمؤمن دعوة" [٤٨] .

قال القرطبي في تفسيره مبيِّناً أهميةَ هذه الزيادة وعِظم فائدتها: "وزاد فيه الحارث بن أسامة زيادةً تساوي رحلة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "وهي النخلة لا تسقط لها أنملة، وكذلك المؤمن لا تسقط له دعوة"فبيّن معنى الحديث والمماثلة" [٤٩] .

والدعاء مأمور به كما هو معلوم، وموعود عليه بالإجابة كما قال الله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [٥٠] لكن الدعاء سببٌ مقتضٍ للإجابة مع استكمال شرائطه وانتفاء موانعه، وقد تتخلّف الإجابة لانتفاء بعض شروطه أو وجود بعض موانعه وآدابه والتي من أعظمها حضور القلب ورجاء الإجابة، والعزم في المسألة [٥١] .