فحكم الله عليهم بالتيه في صحراء سيناء أربعين سنة يسيرون دائماً لا يهتدون للخروج منه حتى [٦٧] مات ذلك الجيل المتخاذل العاصي الذي خرج به موسى من مصر ولقي من أذاهم وعصيانهم ما لا يوصف، قال الله عز وجل مبيناً أذاهم لموسى:{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}[٦٨] .
- وتوفي هارون ومن بعده موسى عليهما الصلاة والسلام في ذلك التيه، وأقام الله في بني إسرائيل يوشع بن نون [٦٩](فتى موسى) عليهما الصلاة والسلام نبياً لهم خليفة عن موسى عليه الصلاة والسلام، ولما انقضت مدة التيه خرج يوشع عليه الصلاة والسلام ببني إسرائيل إلى بيت المقدس فحاصرها وفتحها الله عليهم، وأمرهم الله عز وجل حين دخولهم الأرض المقدسة {وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ}[٧٠] .
فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"قيل لبني إسرائيل: {َادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ} فدخلوا يزحفون على أستاهم فبدّلوا وقالوا: حِطة حبة في شعرة"[٧١] .
فتعساً لهؤلاء القوم الذين يقابلون الإحسان بالإساءة، والمعروف بالمنكر، والنعمة بالجحود، فاستحقوا بذلك غضب الله عز وجل عليهم.