وهناك مثل آخر على تيسير سبل الثقافة لغالبية أبناء الشعب ممن يسكن بعيداً عن المدن، كسكان الأرياف والمناطق الزراعية البعيدة، فإن الدولة تؤمن لهم مكتبات عامة متنقلة تيسر على سكان تلك المناطق النائية استعارة الكتب في فترات محددة، حيث تطوف عليهم هذه المكتبات المتنقلة في كل أسبوعين مرة أو في كل شهر على أبعد تقدير.
ولا أريد أن أتوسع في هذه الاستشهادات ولكني أردت أن أضرب المثل على اعتناء بعض الأمم بأبنائها من هذه الناحية العلمية الهامة بتيسير أسباب العلم والثقافة لهم بشتى الطرق والوسائل.
والإسلام الذي تقوم رسالته على العلم والتزود من العلم إلى جانب الأسس الأخرى التي يدعو إليها، لم يسبقه أحد، في هذه الناحية، حتى إن أول آية أنزلت على محمد صلى الله عليه وسلم تتضمن الأمر بالقراءة وتكرار الأمر بالقراءة وربط القراءة بالقلم الذي هو ربط وسيلة الكتابة، والكتاب الذي هو مصدر القراءة.
يقول تعالى:{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ, خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ, اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ, الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ, عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} فهي دعوة صريحة إليه، ورأس الكتب جميعاً هو كتاب الله سبحانه الذي يدعونا إلى قراءته وتدبره والعمل بأحكامه.
يقول عز وجل:{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}(القمر ١٧) .
ويقول سبحانه:{أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}(محمد ٢٤) .