وكما كان صلى الله عليه وسلم غاية في الرحمة والشفقة فهو غاية في العفو والحلم والصفح والصبر والتحمل، وسيرته العطرة حافلة بالوقائع الدالة على ذلك. ففي الصحيحين عن جابر رضي الله عنه، قال:"غزونا مع الرسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة قبل نجد فأدركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في واد كثير العضاة, فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة فعلق سيفه بغصن من أغصانها, قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن رجلا أتاني وأنا نائم فأخذ السيف فاستيقظت وهو قائم على رأسي فلم أشعر إلا والسيف صلتا في يده فقال لي: من يمنعك مني، قال: قلت الله، ثم قال في الثانية: من يمنعك مني، قال: قلت الله، قال: فشام السيف فها هو ذا جالس ثم لم يعرض له رسول الله صلى الله عليه وسلم". وهذا لفظ مسلم. وعند البخاري: "ولم يعاقبه وجلس". وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: "دخل رهط من اليهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: السام عليكم, قالت عائشة ففهمتها فقلت: وعليكم السام واللعنة قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مهلا يا عائشة إن الله يحب الرفق في الأمر كله فقلت يا رسول الله ألم تسمع ما قالوا؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قلت: وعليكم.."