الثاني: هذا الملك الذي جمع الله به شمل العرب بعد الفرقة، وأعزَّهم به بعد الذلة، وكثَّرهم بعد القِلَّة، فإنِّي كذلك لا أدَّخر قطرة من دمي في سبيل الذود عن حوضه " [٤١] .
كما كان رحمه الله يوصي العلماء والقضاة والدعاة بالحرص على التمسك بالدين واتِّبَاعَهُ كما هو حاله وشأنه قائلاً لهم: " إنَّ كتاب الله ديننا ومرجعنا، وسُنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم دليلنا، وفيها كُلّ ما نحتاجه من خيرٍ ورشاد، ونحن من جانبنا سنحرص إن شاء الله كُلّ الحرص على إقامته واتباعه وتحكيمه في كُلِّ أمرٍ من الأمور " [٤٢] .
وكان من حرص الملك عبد العزيز على حفظ الدين، أنَّه كان يوضِّح للناس في أي مناسبة تتاح له حقيقة العقيدة التي يؤمن بها، والدين الذي ينشره ويدعو إليه. ومن كلامه في ذلك:
" أنا مبشِّر أدعو إلى دين الإسلام، ولنشره بين الأقوام ...
أنا داعية لعقيدة السلف الصالح. وعقيدة السلف الصالح هي التمسك بكتاب الله، وسُنَّة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما جاء عن الخلفاء الأربعة ... " [٤٣] .
والحقيقة إنَّ المتتبِّع لسيرة وحياة الملك عبد العزيز يدرك أنَّه رحمه الله قد قام بحركة إحياء حقيقية لما اندرس من أصول الدين وأحكامه وشرائعه، وسلك في سبيل ذلك عِدَّة مسالك وطرق هامَّة، كتوضيح حقيقة الدين الإسلامي، والعقيدة الصحيحة، وتطبيق أحكام الشريعة، وإظهار العبادات الإسلامية صحيحة نقية خالية من البدع والخرافات، وكذلك بعث الدعاة والعلماء والوعاظ في كُلِّ مكان، ولكن ما كان ليتم للملك عبد العزيز كُلّ ذلك لولا توفيق الله تعالى له، ثُمَّ لِمَا قام به من بسطٍ للأمن، ونشرٍ للطمأنينة والهدوء بين الناس.