في هذا القرن كان أمير عربي من آل سعود، يشق طريقه إلى غاياته الكبرى في خدمة دينه وأمته، كان في بداية جهاده حين دخل عاصمة ملكه الرياض سنة ١٣١٩هـ، وبدأت مهمته الكبرى، وفاء لشعب الجزيرة العربية، ودفاعاً عن أرض الحرمين الشريفين، وحقها في الوحدة السياسية، وعن حقوق أمته الإسلامية وآمالها، وكان مهيأ لأداء هذه المهمة الكبرى، في شبه الجزيرة، بعد أن ران عليها التخلف الديني والدنيوي عشرات السنين، ولم تقم فيها سلطة سياسية موحدة، فاختلّ الأمن، وتبددت الآمال في عودة أرض الحرمين الشريفين إلى عهدها الزاهر، في نشر الدين، واستقبال المسلمين من الحجيج والمعتمرين، فقد قامت في العصر الحديث دول في المشرق والمغرب العربي، وظلت شبه الجزيرة بعيدة عن التطور السياسي، يتنازع السلطان في قبائلها ومناطقها أمراء يتقاتلون على المغانم.
وفي هذه الأجواء بذل أمراء آل سعود جهدهم في جمع القبائل، والمناطق عوضنا عن التشرذم، والتشتت الذي حرم شبه الجزيرة من سلطة موحدة، تخدم مصالح أهلها، وظهر من آل سعود أمراء كان لهم جهدهم وإسهامهم الكبير في طريق الوحدة السياسية، منهم الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود المتوفى سنة (١٢٥٠هـ - ١٨٣٤م) الذي دخل الرياض، وأدخل "في طاعته"معظم أنحاء نجد.
وكان قد سبق في هذا الجهد أحد أمراء آل سعود الكبار، وهو سعود الكبير، الذي امتدت بلاده من عُمان إلى اليمن، وإلى قرب دمشق، وقد توفي - رحمه الله - عام (١٢٢٩هـ - ١٨١٤م) بعد جهاد ومعارك حالفه في أكثرها النصر، وهو يقف في مواجهة الدولة العثمانية، ومن يعمل باسمها من الولاة في مصر وغيرها.