لقد أعاد الملك في القرن الهجري الرابع عشر، سيرة ملوك المسلمين الصالحين وسلاطينهم، فقد كان كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أساس ثقافته منذ بداية حياته، ووجه الأصلان "العظيمان"في الإسلام: القرآن الكريم والسنة النبوية، مقاصده وغاياته، وحكمت الشريعة أعماله وتصرفاته، ولا نجد ملكا أو قائدا لبلد إسلامي في العصر الحديث كله، يقترب من هذه المنزلة العظيمة التي بوّأه الله إياها طيلة حياته، بفضل وقوفه دائما تحت رايته وخضوعه دائما لحكمه.
يبدو الخطاب الديني والدعوي في حديث الإمام الملك عبد العزيز آل سعود العام، والخاص ظاهرا، ويبدو الالتزام بشرع الله في أعماله، وتصرفاته واضحاً، فقد تميز خطابه الديني والدعوي بالصدق والإخلاص لله، كما تميز بفهم دقيق للإسلام، وإدراك كبير لمقاصد الشريعة وأحكامها، فقد كان لديه من فقه الدعوة ما يغيب أحيانا عن بعض الدعاة.
والنظر إلى مجمل خطب الملك، وأحاديثه، ورسائله التي وجهها إلى عامة الناس، أو إلى الخاصة من أبنائه، وأتباعه، وعماله يكشف لنا عن الداعية المسلم الصالح في ثياب ملك، فقد اجتمع له هدي القرآن، وقوة السلطان، وحقق الله له ما أراد من هداية العباد، وتوحيد البلاد، والتمكين في الأرض، مصداقاً لقوله تعالى:{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً} . [النور ٥٥] .