العنصر الأول: القوة الواعية المميزة في الحق، والشجاعة النادرة المنضبطة، والصبر العظيم
في أول امتحان على طريق النصر كتب الإمام عبد الرحمن مشتركاً مع مبارك الصباح أمير الكويت إلى الملك عبد العزيز - وهو في طريقه لفتح الرياض - يدعوانه إلى الرجوع والكف عما هو فيه لما رأياه من كثرة المخاطر والضغوط.. ودعواه إلى الرجوع إلى الكويت.
فخطب في صفوة رجاله في آخر يوم من رجب ١٣١٩هـ بعد أن أطلعهم على كتاب أبيه وقال:"لا أزيدكم علماً بما نحن فيه.. أنتم أحرار فيما تختارون لأنفسكم، أما أنا فلن أعرض نفسي لأكون موضع السخرية في أزقَّة الكويت، ومن أراد الراحة ولقاء أهله، والنوم، والشبع، فإلى يساري - إلى يساري، وتواثب الأربعون بل الستون إلى يمينه وأدركتهم عزة الأنفة فاستلوا سيوفهم وصاحوا مقسمين على أن يصحبوه إلى النهاية، والتفت الملك عبد العزيز إلى رسول أبيه وكان حاضراً المجلس وقال له: سلم على الإمام وخبره بما رأيت، واسأله الدعاء لنا وقل له: موعدنا إن شاء الله في الرياض [١١] ".
وهكذا اختار الملك عبد العزيز وصحبه رحمهم الله جميعاً ما يليق بهم من خيار، وهو اختيار قد بدت بوادره مبكراً منذ فتوة الملك عبد العزيز فإن "الشيخ عيسى بن علي آل خليفة حاكم البحرين أراد أن يلاطف (الفتى) عبد العزيز فسأله: قطر أحسن أم البحرين؟ فأجابه عبد العزيز على الفور: الرياض أحسن منهما، فقال: سيكون لهذا الغلام شأن [١٢] .
وعلى مقربة من الرياض في طريقه لفتحها استبقى ثلاثة وثلاثين ممن معه وجعل قيادتهم لأخيه محمد وقال لهم: لا حول ولا قوة إلا بالله إذا لم يصل إليكم رسول منا غداً فأسرعوا بالنجاة واعلموا بأننا قد استشهدنا في سبيل الله.