ومن المهم أن نذكر أن وعد بلفور كان مسبوقاً بوعد آخر من الحكومة البريطانية باعتراف الحلفاء بحق العرب في فلسطين وغيرها من بلاد العرب.
ومن ذلك يتبين لفخامتكم أن "حجة اليهود التاريخية"باطلة ولا يمكن اعتبارها كما أن حجتهم من الوجهة الإنسانية قد قامت فيها فلسطين بما لم يقم به بلد آخر ووعد "بلفور"الذي يستندون إليه مخالف للحق والعدل ومخالف لمبدأ تقرير المصير والمطامع الصهيونية تجعل العرب في جميع الأقطار يوجسون منها خيفة وتدعوهم لمقاومتها.
أما حقوق العرب في فلسطين فإنها لا تقبل المجادلة لأن فلسطين بلادهم منذ أقدم الأزمنة وهم لم يخرجوا منها كما خرج غيرهم، وقد كانت من الأماكن التي ازدهرت ازدهارا يدعو إلى الإعجاب، ولذلك فهي عربية عرفاً، ولساناً، وموقعاً، وثقافة، وليس في ذلك أية شبهة أو غموض، وتاريخ العرب في تلك البلاد مملوء بأحكام العدل والأعمال النافعة.
.. وقد كان تدفق مهاجري البلاد من الآفاق المختلفة إلى فلسطين مدعاة تخوف العرب على مصيرهم وعلى حياتهم فحدثت في فلسطين ثورات وفتن متعددة في ١٩٢٠، ١٩٢١، ١٩٢٩م وكان أهم تلك الثورات عام١٩٣٦م التي لاتزال نارها مستعرة حتى هذه الساعة.
... إنه ليس من العدل أن يطرد اليهود من جميع أنحاء العالم المتمدن، وأن تتحمل فلسطين الضيقة المغلوبة على أمرها هذا الشعب برمته [٣٣] .
وفي عام ١٣٦٤ وقد بدأت تظهر إلى السطح حقيقة ما يسعى إليه الصهاينة كتب الملك عبد العزيز رحمه الله رسالة إلى الرئيس "روزفلت" وأرسل نسخة طبق الأصل منها إلى رئيس الوزارة البريطانية "ونستون تشرشل"جاء فيها: لو تصورنا استقلال اليهود في مكان ما من فلسطين فما الذي يمنعهم من الاتفاق مع أي جبهة قد تكون معادية للحلفاء، ومعادية للعرب وهم قد بدأوا بعدوانهم على بريطانيا بينما هم تحت حمايتها ورحمتها.