إما أن يرحل بجيشه خلال خمسة أيام إلى السر... وإما أن يتولى هو - ابن سعود - ترحيل الجيش... ورضي الباشا بالأمر الثاني، فضمن ابن سعود سلامة الفريقين... ورحل فريق العراق على ركائب ابن سعود أمنين شاكرين، وبعد شهرين أرسل السلطان عبد الحميد يشكر "الأمير الخطير، والزعيم الكبير عبد العزيز باشا سعود"على معاملته عساكر الدولة تلك المعاملة الشريفة، ويسأله أن يرسل وفداً من رجاله إلى الأستانه، فأرسل ثلاثة نزلوا ضيوفاً على الحضرة الشاهانية، ومنحوا ألقاب "الباشوية"والنياشين [٧٤] .
وفي عام ١٣٣١هـ - ١٩١٣م قرر الملك عبد العزيز أن يسترد الأحساء وأن يهاجم الكوت (القلعة) وتقدم بستمائة من رجاله في الهزيع الأول من الليل وكانت وصيته لجنده "لا تدخلوا البيوت ولا تقتربوا من النساء" وعند الفجر وقد أقبل الناس على عبد العزيز مرحبين ولجأ الجند إلى الحصون أرسل إليهم الملك عبد العزيز أن يسلموا فيؤمنهم ويرحلهم إلى بلادهم، وقبل القائد والمتصرف وسلمت الحامية وكانت ١٢٠٠ جندي فأذن لهم عبد العزيز بحمل سلاحهم.. وقال لا ننزع من الجندي العثماني سلاحه... وأمر بالركائب فرحلهم وعيالهم إلى العقير، وأرسل معهم أحمد بن ثنيان يخفرهم ويؤمن طريقهم [٧٥] .
موقف وسلوك أملته القيم والأخلاق التي كان تربى الملك عبد العزيز عليها وإنك لترى العجب حين تقارن بين مواقف الملك عبد العزيز وتلك المواقف التي حصلت من غيره في البلاد العربية ممن يزعم الإسلام والله المستعان.
وتتكرر المواقف التي يظهر فيه تقى الملك عبد العزيز وخوفه من الله فبعد أسبوع من معركة تربه وصل الملك عبد العزيز إلى الموقع ولم يعلم بالمعركة إلا بعد يومين أو ثلاثة أيام من وقوعها فلما رأى جثث القتلى كالتلال ترقرق الدمع في عينيه وبكاهم [٧٦] .