إن المدنية الصحيحة هي التقدم، والرقي، والتقدم لا يكون إلا بالعلم والعمل، إن حالة المسلمين اليوم لا تسر، وإن الحالة التي هم عليها لا يقرها الإسلام يجب على المسلمين أن يتدبروا موقفهم جيداً ويعملوا لتطهير قلوبهم من الأدران التي علقت بها، فإن الموقف دقيق، والله ينصر من أراد نصرة دينه {وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}[٤٧] .
إن الفرقة أول التدهور والانخذال، بل هي العدو الأكبر للنفوس، والغاوية للبشر والإتحاد والتضامن أساس كل شيء، فيجب على المسلمين أن يحذروا التفرقة وأن يصلحوا ذات بينهم، ويبذلوا النصيحة قالوا: لمن؟ قال: لله، ولكتابه ورسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، فهذا الحديث دستور أخلاقي عظيم من واجب كل مسلم العمل به لأن في اتباعه صلاحاً لأحوال المسلمين فيزدادون منعة، ونحن نحمد الله على أننا بدأنا نشعر بمثل هذه الروح السامية، تدبُّ في نفوس المسلمين، فيعملون على درء كل خطر، ومنع أسباب التخاذل، فنرجوه سبحانه وتعالى أن يمن علينا بالاتفاق والاتحاد فإن الله سبحانه وتعالى قد منّ على المسلمين بأوامر، ونواه، وفرض عليهم الفرائض ولم يأمر - جل وعلا - بأمر إلا وجعل الفوائد بحذافيرها فيه، ولم ينه عن شيء إلا وجعل الشر بحذافيره فيه، ومن أعظم الأوامر توحيد الله - جل وعلا - توحيداً منزهاً عن الشرك إن الله لم يجعل بينه وبين أحد من خلقه واسطة فهو يقول {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}[٤٨] .. إن الخير كله في الاجتماع، والشَّر كله في التفرقة، فالاجتماع، والتضامن أساس كل عمل ومحور كل نهوض. نسأل الله أن يعز دينه، ويعلي كلمته، ويؤيد المسلمين بروح منه" [٤٩] .