وكان - رحمه الله - لا يولِّي أميراً على بلد أو جيش أو يُعَيِّن قاضياً إلاَّ ويوصيه بتقوى الله، والتزام الإسلام، والدَّعْوَة إليه، وكثيراً ما كان يردِّد:"اللهمَّ إنْ كان قصدي إعلاء كلمة الله، ونصرة الإسلام والمسلمين، فأرجو منك التوفيق والتأييد والنصر، وإن كان قصدي خلاف ذلك فأرجو منك أن تريحني بالموت العاجل"[٢٧] .
ولا ريب أنَّ الله تبارك وتعالى أعزَّ الإسلام والمسلمين بظهور الملك عبد العزيز - رحمه الله - الذي أسَّسَ دولته على قواعد التوحيد، ووقف أمام تيارات الشرك والخرافات البدعية، ولم يجامل أو يداهن أحداً في سبيل عقيدته بل عقد العزم على تطهير الجزيرة من كُلِّ ما يفسد على الناس عقيدتهم، وهذا العمل لم يقدم عليه إلاَّ مَنْ ملأ التوحيدُ قلبَه، وأنار الله بصيرته للعمل به، والدَّعْوَة إليه.
المبحث الرَّابع: القضاء على أسباب الشرك ومحاربة الأفكار الهدَّامة:
إنَّ من فضل الله تعالى وتوفيقه على أهل هذه البلاد خاصَّة، وأهل الأرض عامَّة أن جعل هذه البلاد موطنا لدعوة التوحيد، ومنطلقاً لهذه الدَّعْوَة حيث جعل فيها بيته الحرام، فيه آياتٌ بينات مقام إبراهيم ومَن دخله كان آمناً. قال تعالى {إنَّ أوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّة مُبَارَكاً وهُدَىً لِلْعَالَمِينَ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً}[٢٨] .
حيث دعا إبراهيم عليه السلام إلى التوحيد، وأمر بتطهير البيت العتيق للطائفين والقائمين والركَّع السجود، وعلى أرض هذه الجزيرة العربية دعا هود وصالح، ودعا خاتم الأنبياء والمرسلين - عليهم الصلاة والسلام - إلى كلمة التوحيد. ودعا الصحابة رضوان الله عليهم، والتابعون لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.