ومع أنَّه لا يمكن إغفال الأثر الذي ترتَّب على تأسيس هذه الهيئة، إلاَّ أنَّه لا يمكن إغفال جهود الملك عبد العزيز - رحمه الله - الشخصية في مجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والمتمثِّلة في رسائله ومناصحته للأمراء وعامَّة الناس، بوجوب التزام الطاعات، والانتهاء عن المنكرات.
وقد عرف عن الملك عبد العزيز - رحمه الله - أنَّه كان آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، متمسكاً بأحكام الشريعة الإسلامية، قولاً وعملاً، في كافة المجالات، عاملاً بما يحقِّق المصلحة لبلاده وشعبه، محبّاً للعلماء كثير التوجيه والنُّصْح والإرشاد لهم، إيماناً منه بأنَّ محبة الخير لإخوانه كمحبته لنفسه [٧٤] .
وقال - رحمه الله - في اجتماعٍ له بموظفي الدَّولَة:"نحن وضعنا جماعة تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، فبلاغاتها ومقرراتها تشمل الجميع على السواء، وأنتم يا جماعة الموظفين أحق الناس باتباع أوامرها واجتناب منهياتها، فإنَّكم أنتم المكلفون بتنفيذها، فإذا كنتم لا تبدأون بأنفسكم وتكونون قدوة صالحة للناس يصعب تطبيقها وتنفيذها"[٧٥] .
ومن الجدير بالذِّكر أنَّ التطور الذي شهدته الدَّولَة السُّعُودِيَّة في عهد الملك عبد العزيز، والنمو الذي حدث في النواحي السياسية والإدارية في البلاد - بعد التوحيد - أظهرت مجالات أخرى ذات صلة بمجالات الاحتساب، منها: الجهات القضائية المختلفة، والجهات الأمنية المختلفة.
إنَّ مهمَّة الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، هي مهمة الرسل والمؤمنين بالله تعالى، وذلك بالدَّعْوَة إلى الله بالترغيب والترهيب، والنصح، والإرشاد، والتذكير، والتبليغ، وإظهار الدين، وإقامته كما أراد الله ورسله، وإعلاء كلمة الله، والتعاون على البرِّ والتقوى بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن.