لقد قام التعليم العام ـ النظامي أو الحكومي ـ خلال هذه الفترة بدور بارز في تطور حركة التعليم لأنه يمثل أسس النهضة التعليمية الحديثة في بلادنا. ولذا جاء هذا البحث محاولة متواضعة للتعريف باهتمام الملك المؤسس ـ يرحمه الله ـ بالعلم والتعليم، وإيضاح جهوده الخيرة في نشره من خلال الحديث عن وضع أصول التعليم الحكومي في المملكة الحجازية عامة وفي المدينة النبوية خاصة، وما لحق ذلك من وضع القواعد الأساسية لحركة التعليم في المملكة بعد توحيدها وذلك للاستفادة في إلقاء الضوء على بعض مظاهر النهضة التعليمية العامة في المدينة. والهدف من هذا البحث هو إبراز حالة التعليم العام الذي شهدته المدينة في تلك الفترة وذلك من خلال التتبع التاريخي لنشأة التعليم في المدينة حتى عام ١٣٧٣هـ. مع مراعاة التسلسل الزمني للأحداث دون التركيز على الجانب التربوي، لأن ذلك خارج عن موضوع البحث.
حدود الدراسة
وحيث لا يتسع المجال لتشخيص كل ما يتعلق بالتعليم في المدينة في هذا العهد المبارك، فقد وضعت للبحث حدوداً زمانية وحدوداً مكانية؛ فاقتصر على الفترة المحددة من سنة ١٣٤٣هـ إلى مطلع سنة ١٣٧٣هـ. كما اقتصر على المدينة النبوية: مدينة، وليس محافظة أو منطقة تعليمية أو إدارية.
واقتصر على التعليم العام دون التعليم الخاص أو دور المسجد النبوي في الحركة الثقافية للمجتمع المدني، لأن كلاً منهما يستحق دراسة مستقلة.
وقد عُنيت بتراجم الأعلام الواردة في البحث، لاعتقادي أن ذكر علوم الرجال ومعالم حياتهم مدارس للأجيال، واستشعاراً للواجب تجاه هؤلاء العلماء بحفظ تاريخهم بالترجمة لهم خدمة لدينهم وإحياء لذكرهم.
وقد جعلته في مقدمة وثلاثة مباحث وخاتمة:
المبحث الأول: اهتمام الملك عبد العزيز ـ يرحمه الله ـ بالتعليم وحرصه على نشره.
المبحث الثاني: لمحة تاريخية عن نشأة مديرية المعارف في الحجاز وتطورها، وظهور نظام التعليم العام.