للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي حديث حذيفة بن اليمان قوله: "قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: "فاعتزل تلك الفرقَ كلَّها، ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك" (١) يعني: فإنك باعتزال تلك الفرق، حيث لم يكن لهم جماعة ولا إمام، تكون أنت على ما كانت عليه الجماعة، وإن كنت وحدك، قال ميمون بن مهران: قال ابن مسعود رضي الله عنه:"الجماعة ما وافق الحق وإن كنت وحدك ".

وقال نعيم بن حماد:" إذا فسدت الجماعة فعليك بما كانت عليه الجماعة قبل أن تفسد، وإن كنت وحدك، فإنك أنت الجماعة حينئذ "ذكره البيهقي وغيره. (٢)

وقد أخطأ من عرف الجماعة أنها أهل الحديث والأشعرية والماتريدية، فإن لفظ الحديث فيما رواه أبو داود (٣) بسنده إلى معاوية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة، اثنتان وسبعون في النار، وواحدة في الجنة وهي الجماعة "، يرد ذلك، فإن قوله: "واحدة" ينافي التعدد، فتعين أن تكون الجماعة هم أهل الحديث، قال أحمد: "إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم "قال القاضي عياض: "إنما أراد أحمد، أهل السنة والجماعة، ومن يعتقد مذهب أهل الحديث.

والجماعة، هي: حبل الله، قال ابن مسعود: "أيها الناس، عليكم بالطاعة والجماعة، فإنها حبل الله الذي أمر به، وما تكرهون في الجماعة، خير مما تحبون في الفرقة " وقال عبد الله بن المبارك:

إن الجماعة حبل الله فاعتصموا

منه بعروته الوثقى لمن دانا


(١) انظر: البخاري مع الفتح١٣/٣٥
(٢) سنن أبي داود، كتاب السنة، باب شرح السنة، الحديث رقم (٤٥٩٧) .
(٣) سنن أبي داود، كتاب السنة، باب شرح السنة، الحديث رقم (٤٥٩٧) .