للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأخرج مسلم وأحمد ومالك عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله يرضى لكم ثلاثا ويكره لكم ثلاثا، فيرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا، وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم، ويكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال " (١) .

ففي هذا الحديث النبوي الشريف، البدء بأساس الجماعة وأصله، "أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً"، والاعتصام بحبل الله، الذي هو الجماعة، وعدم التفرق، ومناصحة ولي الأمر، وهذه الثلاث قد نص عليها في حديث رواه الإمام أحمد في المسند بإسناد جيد عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"نضر الله امرءاً سمع منا حديثا فحفظه حتى يبلغه غيره، فإنه رب حامل فقه ليس بفقيه،ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ثلاث خصال لا يَغِلُّ عليهن قلب مسلم أبدا: إخلاص العمل لله، ومناصحة ولاة الأمر، ولزوم الجماعة، فإن دعوتهم تحيط بهم من ورائهم ... " الحديث. وجاء هذا الحديث بأسانيد بعضها صحيحة، وبعضها حسنة، وبعضها معلولة، عن جماعة من الصحابة، فهو متواتر (٢) ، وقد جمعت هذه الخصال الثلاث، ما يقوم به دين الناس ودنياهم، قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب: "ولم يقع خلل في دين الناس ودنياهم إلا بسبب الإخلال بهذه الثلاث أو بعضها ".

وفي غير ذلك من نصوص الكتاب والسنة كثير، يدل قطعا على أن أصل الجماعة وأساسه، هو: الإخلاص لله تعالى واتباع السنة، ومناصحة ولي الأمر، والاعتصام بحبل الله جميعاً، وعدم التفرق.


(١) صحيح مسلم ٢/١٣٤٠، رقم ١٠/١٧١٥.، الموطأ ٢/٩٩٠، رقم ٢٠.
(٢) ينظر: رسالة، دراسة حديث: نضر الله امرءاً ...، للشيخ عبد المحسن العباد، الأمر بلزوم جماعة المسلمين وإمامهم والتحذير من مفارقتهم، للشيخ عبد السلام بن برجس، ط١/١٤١٨هـ، ص١٦-٢٨.