فضل الله علينا وتوفيقه بأن خلقنا ورزقنا، ولم يتركنا هملاً، لا نؤمر ولا ننهى، بل أرسل إلينا رسولاً هو محمد صلى الله عليه وسلم، أرسله الله بالهدى ودين الحق، وأن الله تعالى لا يرضى أن يُشرك معه أحد في عبادته لا ملك مقرب عنده، ولا نبي مرسل، فضلاً عن غيرهما من سائر المخلوقات، فإذا لم يرض بأن يُعبد من كان قريبا منه كالملائكة، ومن كان نبيا مرسلا وهم أفضل الخلق فغيرهم بطريق الأولى، لأن العبادة لا تصلح إلا لله وحده، فكما أنه المتفرد بالخلق والرزق والتدبير، فهو المستحق للعبادة وحده دون من سواه، وجعل الله طاعة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم طاعة له ومعصيته معصية له، فمن أطاعه دخل الجنة ومن عصاه دخل النار، قال تعالى:{إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَاهِداً عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولاً فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذاً وَبِيلاً} المزمل:١٥-١٦.
وعلى هذا الأصل ينبني الولاء للجماعة أهل التوحيد والسنة، والبراء من مخالفيها ومعاديها، أهل الشرك والبدعة والفرقة، لأنهم يحادون الله ورسوله، أي أنهم في حدِّ إبليس وجنوده، والجماعة في حدِّ الله ورسوله، قال الله تعالى:{لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} المجادلة: آخرها.