ومما يؤكد الحاجة إلى الجماعة، هو أن يد الله على الجماعة، ومن فارقها فالشيطان معه، كما روى النسائي بسند جيد عن عرفجة بن شريح الأشجعي قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر يخطب الناس فقال:"إنه سيكون بعدي هنات وهنات فمن رأيتموه فارق الجماعة أو يريد أن يفرق أمر أمة محمد صلى الله عليه وسلم كائنا من كان فاقتلوه فإن يد الله على الجماعة فإن الشيطان مع من فارق الجماعة يركض"[١٣] .
فالجماعة نجاة، والفرقة هلكة، ويد الله على الجماعة، ومن شذ شذ في النار، قال ابن مسعود رضي الله عنه في خطبته:"أيها الناس، عليكم بالطاعة والجماعة، فإنها حبل الله الذي أمر به، وما تكرهون في الجماعة، خير مما تحبون في الفرقة " أخرجه الحاكم في المستدرك وابن جرير في تفسيره، والآجري في الشريعة [١٤] .
وقال ابن المبارك رحمه الله:
إن الجماعة حبل الله فاعتصموا
منه بعروته الوثقى لمن دانا
كم يدفع الله بالسلطان معضلة
عن ديننا رحمة منه ودنيانا
لولا الخلافة لم تؤمن لنا سبل
وكان أضعفنا نهبا لأقوانا [١٥]
وفي لزوم الجماعة وإمامها سعادة الدنيا والدين، به تنتظم الحياة الاجتماعية، ويحصل الأمن على العرض والمال والدم، وتتحقق مصالح المجتمع في معاشهم ومعاد هم ويستعينون بالجماعة على إظهار دينهم، وطاعة ربهم، كما قال علي رضي الله عنه:"إن الناس لا يصلحهم إلا إمام، بر أو فاجر، إن كان فاجرا، عبد المؤمن ربه، وحمل الفاجر فيها إلى أجله "، وقال الحسن البصري في الأمراء: هم يلون من أمورنا خمساً: الجمعة والجماعة، والعيد والثغور والحدود "وقال أيضا: "والله ما يستقيم الدين إلا بهم، وإن جاروا أو ظلموا، والله لما يصلح الله بهم أكثر مما يفسدون، مع أن والله إن طاعتهم لغيظ ـ أي للأعداء ـ وإن فرقتهم لكفر"ذكر ذلك عن الحسن الحافظ ابن رجب في جامع العلوم والحكم.