ولا شك أن الدولة تمنح رجالها حق السلطة التنفيذية في حدود معينة كي يتمكنوا من حمل الناس على الالتزام بأوامر الشرع والوقوف عند نواهيه، وعندما فتح الملك عبد العزيز الرياض سنة ١٣١٩هـ كان العلماء يقومون بواجبهم في الاحتساب على مستوى فردي تطوعاً لله ـ عزوجل ـ ومن أولئك الشيخ عبد العزيز بن عبد اللطيف آل الشيخ (ت:١٣٥٤هـ) ، وكان رجلاً مهيب الجانب، ثم بعد أن استقرت الأمور نسبياً واتسعت نظم الحكم كلف الملك عبد العزيز الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ليقوم على ولاية الاحتساب، وزوده بأعضاء يساعدونه في مهمته منهم: الشيخ عمر بن حسن آل الشيخ، والشيخ عبد الرحمن بن إسحاق آل الشيخ، والشيخ عبد اللطيف ابن إبراهيم آل الشيخ، ثم اتسع نطاق الحسبة ليشمل تولي أمورها في المنطقة الوسطى والشرقية والحدود الشمالية، واستكمالاً للمسيرة في حقل الإصلاح الديني أصدر الملك عبد العزيز أمراً بعد دخوله للحجاز بتأسيس أول هيئة رسمية للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الحجاز بعد مكاتبات تمت بينه وبين رئيس القضاة في إقليم الحجاز الشيخ "عبد الله بن بليهد"الذي كلف باختيار رئيس الهيئة والمعاونين، وقد تشكلت الهيئة من علماء مكة ونجد برئاسة الشيخ "عبد الله الشيبي"ومعه ثمانية أعضاء من أهل مكة وأربعة أعضاء من أهل نجد، وهذا يدل على أن الملك عبد العزيز رأى في تكوين هذه الهيئة أن تكون من مقومات الوحدة والاستقرار الفكري للدولة، وكان الأساس في إنشاء هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو مراقبة تنفيذ أحكام الشرع وإقامة الشعائر، وحث الناس على الطاعة وأداء الصلوات الخمس جماعة، وأن تتخذ في سبيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جميع الوسائل الموصلة إلى ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة، وإذا أعياها أمر من الأمور رفعت مذكرة إلى ولي الأمر لإجراء اللازم.