وقد بلغ من فرط تعلق الملك عبد العزيز بالعدل وكرهه للظلم وحرصه الشديد على إشاعة العدل بين المواطنين ورغبته في أن تصل إليه شكوى المظلوم في أي منطقة من بلاده الواسعة، أن كتب بلاغاً عاماً للشعب عند دخوله الحرم النبوي الشريف سنة ١٣٧٢هـ، وعلقه مخاطباً فيه شعبه يقول فيه:"من عبد العزيز بن عبد الرحمن بن سعود إلى شعب الجزيرة العربية، على كل فرد من رعيتنا يحس أن ظلماً وقع عليه، أن يتقدم إلينا بالشكوى، وعلى كل من يتقدم بالشكوى أن يبعث بها بطريق البرق أو البريد المجاني على نفقتنا، وعلى كل موظف بالبريد أو البرق أن يتقبل الشكاوى من رعيتنا، ولو كانت موجهة ضد أولادي أوأحفادي أو أهل بيتي، وليعلم كل موظف يحاول أن يثني أحد أفراد الرعية عن شكواه مهما تكن قيمتها أو حاول التأثير عليه ليخفف من لهجتها أننا سنوقع عليه العقاب الشديد، لا أريد في حياتي أن أسمع عن مظلوم ولا أريد أن يحملني الله وزر ظلم أحد، أو عدم نجدة مظلوم أو استخلاص حق مهضوم، ألا قد بلغت، اللهم فاشهد".
فأي عدل هذا الذي يذكرنا ويقربنا من العهود الزاهية من الحكم الإسلامي، وهكذا يقترن القول بالعمل، وله مواقف ومآثر تؤكد ذلك، فهو الذي يقول في إحدى خطبه:"الناس أحرار في مآكلهم ومشاربهم ومرازقهم ونزههم، ومن أُعتدي عليه فليراجعني لأنصفه، ولو جاءني أي إنسان وقال: إن ولدي فيصل أخذ مالي واعتدى عليّ، فإن رآني أنصفته منه علم أني أقول وأصدق في القول، وإن رآني أهملته، وساعدتُ ولدي على ظلمه فعند ذلك يكون له الحق عليّ ... ".