وقفت ذات يوم امرأة مسنة على باب قصره ـ رحمه الله ـ تشكو إليه أمر قضية في ميراث لها، وقالت: ليس لي من يدافع عن حقوقي، فناداها الملك عبد العزيز وأخذ ما بيدها من الأوراق ووعدها بأنه سيكون وكيلاً عنها في الدفاع، وبالفعل نظر في الحجج التي بيدها، وأرسل القضية إلى المحكمة الشرعية، وأخذ يسأل كل يوم عن تلك القضية حتى قررت المحكمة في شأنها، وأبلغ المرأة بالحكم، وأمر بإنفاذه.
هكذا يكون الإمام العادل والحاكم المنصف الذي يظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم، كان يدرك الملك عبد العزيز ـ رحمه الله ـ أن هذه الدنيا فانية، وأن المرء لا ينفعه إلا صالح العمل، وصدق النية، والإخلاص لله ـ تعالى ـ في القول والعمل، وكان كذلك ـ إن شاء الله تعالى ـ.
وكان ـ رحمه الله ـ من شدة تدينه وقوة إيمانه وخوفه من الله ـ تعالى ـ ومراقبته له، يستدين من المواطنين ويوثق هذا الدين ويكتبه، وذلك في بعض أيام العسر التي مرت على هذه البلاد، ولكن الملك عبد العزيز ورجاله ظلوا أقوياء بإيمانهم بالله وثقتهم بنصره ـ تعالى ـ وحسن توكلهم عليه ـ جل شأنه ـ ثم بقوة الإرادة والعزيمة، التي لا تثني الرجال الأقوياء عن تحقيق مآربهم وبلوغ أهدافهم، بعد تأييد الله ـ تعالى ـ وتوفيقه لهم.
ونكتفي بذكر رسالة واحدة تدل على ما ذكرناه آنفاً أوردها الشيخ عبد العزيز بن عبد المحسن التويجري، ـ أحد معاصري الملك عبد العزيز ـ تقول الرسالة:
"بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل إلى من يراه، السلام وبعد: أخذنا من ناصر ابن حمد بن غيث ١٣٠٠ ريال وعشرة أريل سلفة، أيضاً أخذنا منه ١٠٨ ريالات وخمس ليرات".