الدولة السعودية الثالثة: وتبدأ من قيام الملك عبد العزيز –رحمه الله تعالى- بفتح الرياض في ٥/١٠/١٣١٩هـ ويُعَدُّ فتح الرياض البداية الحقيقة لظهور الدولة السعودية المعاصرة؛ لأن فتح الرياض كان نقطة الارتكاز لانطلاق جيوش الجهاد لتحرير بقية أجزاء الدولة السعودية، وهذه حقيقة تاريخية لا ينكرها إلا جاهل لم يقرأ التاريخ مطلقاً، والوقائع التاريخية المشابهة لهذا الفتح كثيرة لعل أبرزها صورة، وأشهرها ذكراً، وأصدقها حقيقة، فتح النبي الكريم صلى الله عليه وسلم للمدينة، فقد ذكرت عائشة -رضي الله عنها-: "أن المدينة فتحت بالقرآن"، ولما وقعت المعاهدة بين النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وزعماء الأنصار في بيعتي العقبة، وتحقق النبي صلى الله عليه وسلم من شدة عقدة العهد ومتانته، أذن لأصحابه بالهجرة إلى المدينة المنورة، وأرسل إليهم "مصعب بن عمير"معلماً ومرشداً، فكانت المدينة بداية الانطلاقة الكبرى للفتوح الإسلامية التي سارت مشرقة ومغربة، وعلى ذلك فقس في كل الدُّولِ الإسلامية التالية لها، كالدولة الأموية أو العباسية وغير ذلك.
فلابد إذن من نقطة ارتكاز وموقع حصين مأمون، يكون بداية الانطلاق لتحرير جزيرة العرب في عهد عبد العزيز، فوقع اختياره على المدينة الحصينة الرياض، فمنها انطلقت الجيوش السعودية لتحرير أغلب الجزيرة العربية من براثن الأعداء، وظلمات الجهل، والفتن العمياء، وبالاستقراء التاريخي نجد أن الرياض مؤهلة لتكون بداية الفتح لأسباب كثيرة أهمها ما يلي:
(١) الرياض تتمتع بمزايا كثيرة تؤهلها لتكون محور ارتكاز العملية الجهادية، فهي عاصمة الأجداد، وبها أكثر الموالين للملك، وأهلها عمدة جيش تحرير البلاد من الغاصبين والطامعين.
(٢) بعد الرياض عن مراكز القوى القوية التأثير في بداية الانطلاق، كحائل وهي مركز لآل الرشيد، أو الحجاز مركز الأشراف وغيرهما.