استقى الملك عبد العزيز رحمه الله ونهل السياسة التطبيقية من هذه المدرسة حين كان في مطلع شبابه كما ذكر سابقاً معايشاً لحاكم الكويت الشيخ مبارك بن عبد الله الصباح الذي جعل بدهائه السياسي الصراع الدولي في الكويت لمصلحته السياسية، وكان لتقريب الشيخ مبارك الصباح للملك عبد العزيز أثر بارز جعله يستفيد من المخططات الاستعمارية التي كادت أن تهيمن على شبه الجزيرة العربية لموقعها الاستراتيجي، فتعلم الملك عبد العزيز من مثل هذه الأحداث الواقعية الدرس الذي جعل منه قائداً وسياسياً محنكاً.
بفضل الله أولاً وأخيراً، دفعته هذه العوامل لإعادة ملك آبائه وأجداده في منطقة الرياض، ثم التوحيد السياسي لهذه الدولة الإسلامية الأم.
(د) نموذج من إصراره على طلب العلم:
لقد كان من الدلائل على حرص الملك عبد العزيز وجلده ما كان عليه من إصرار في طلب العلم، ويكفي أن نذكر وصفاً لدرس من دروسه، حيث "كانت الطريقة في هذا الدرس اليومي أن يجلس القارئ وهو موظف رسمي من رجال العلم معني بهذا الشأن في أقصى مقعد من يسار الملك وأمامه مصباح كهربائي، يدير زره فيضيء ويفتح كتاباً فيقرأ منه فصلاً بعد الفصل الذي قرأه في الدرس السابق، ثم يطبقه ويُقرؤه فصلاً آخر من كتاب آخر. والعادة أن يبدأ بتفسير القرآن، ويثني بالتاريخ، ولا تزيد المدة عن نصف ساعة. وبعد أن يفرغ القارئ من القراءة ينصرف بهدوء دون أن يشرح أو يزيد شيئاً على تلاوة المتن"(١) .
(١) خير الدين الزركلي، شبه الجزيرة العربية في عهد الملك عبد العزيز ص٥١٩ مرجع سابق.