وغير ذلك ورد علينا ردكم على عبد القادر الاسكندراني فرأيناه ردا سديدا وجوابا صائبا مفيدا، وافيا بالمقصود، فحمدنا الله على ما من به عليكم من معرفة الحق والبصيرة فيه وعرضناه على مشائخ المسلمين فاستحسنوه وأجازوه.
فالحمد لله الذي جعل لأهل الحق بقية وعصابة تذب عن دين المرسلين وتحمي حماه عن زيغ الزائغين، وشبه المارقين والملحدين، فلربنا الحمد لا نحصى ثناء عليه، بل هو كما اثنى على نفسه، وفوق ما يثنى به عليه خلقه، وهذه منة عظيمة، ومنحة جليلة جسيمة، وحيث جعلكم الله في هذه الأزمان التي غلب على اكثر أهلها الجهل والهوى والإعراض عن النور والهدى، واستحسنوا عبادة الاصنام والاوثان، وصرفوا لها خالص حق الملك الديان، ورأوا ان ذلك قربة ودينا يدينون به، ولم يوجد من ازمان متطاولة من ينهى عن ذلك أو يغيره، فعند ذلك اشتدت غربة الاسلام واستحكم الشر والبلاء، وطمس اعلام الهدى، وصار من ينكر ذلك ويحذر عنه خارجياً قد اتى بمذهب لا يعرف لأنهم لا يعرفون إلا ما الفته طباعهم وسكنت اليه قلوبهم، وما وجدوا عليه اسلافهم وآباؤهم من الكفر والشرك والبدع والمنكرات الفظيعة فالعالم بالحق والعارف له والمنكر للباطل والمغير له يعد بينهم وحيدا غريبا.
فاغتنموا رحمكم الله الدعوة الى الله والى دينه وشرعه، ودحض حجج من خالف ما جاءت به رسله ونزلت به كتبه من البينات والهدى، وان تكون الدعوة الى الله بالحكمة والموعظة الحسنة بالحجة والبيان، حتى يمن الله عليكم بمن يساعدكم على هذا، فإن القيام في ذلك من أوجب الواجبات، وأهم المهمات وافضل الاعمال الصالحات لا سيما في هذا الزمان الذي قل خيره وكثر شره، قال صلى الله عليه وسلم "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه من غير ان ينقص من أجورهم شيء"، وقال لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه:"فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم" ونحن إن شاء الله من أنصاركم وأعوانكم.