للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان سبب إنشاء هذه المدرسة كثرة الشكاوى التي تقدم بها بعض الحجيج ضد القائمين على الطوافة في الحجاز، وذلك لتقصيرهم معهم في الواجبات في أداء المناسك وتجاوزهم الحد المشروع. حيث أدرك الملك عبد العزيز -رحمه الله- أهمية هذا الأمر خصوصاً مع ضيوف الرحمن الذين أتوا لأداء ركن من أركان الإسلام وهو الحج. فأصدر أمره بتأسيس مدرسة للمطوفين مقرها مكة المكرمة. هذا من جانب التأسيس وتحديد المكان.

أما من جانب المقررات الدراسية، فإن الملك عبد العزيز اهتم بالإعداد المهني للقائمين على شئون الحج والحجاج، فلا بد أن توافق المقررات الهدف الذي من أجله أسست هذه المدرسة. فقد جاء التأكيد على أن يدرس المطوفون مادة العقيدة (التوحيد) التي هي أساس كل فلاح للناس في الدنيا والآخرة. ثم يدرسون مادة الفقه؛ لأنها متعلقة بالعبادات. وحين يتفقه القائم على شئون الحج بشروط وأركان وواجبات وسنن هذه الشعيرة يقوم بالتطبيق العملي مع ضيوف الرحمن.

وهذا المنهج أكد عليه النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: "الدين النصيحة" (١) ؛ إذ لابد من النصح للحجيج، لكن هذا النصح لا يأتي إلا بعد العلم الصحيح.

كما أكد الأمر السامي الكريم على المطوفين أن يقوموا على راحة الحجيج ويحسنوا وفادتهم، وبأن يقدموا جميع التسهيلات ووسائل الراحة لهم حتى يعودوا إلى أوطانهم مسرورين غانمين فائزين شاكرين لله -تعالى-، ثم لمن سهل لهم مناسكهم.

وبعد تحديد المكان والمنهاج وطرق التعامل مع ضيوف الرحمن، فإن الأمر السامي حدد النظام العام لهذه المدرسة. ومن ذلك تحديد مدة بقاء المطوف في المدرسة، فألزم المطوف المتلحق بالمدرسة أن يبقى عاماً كاملاً، يجرى له بعد ذلك التقويم (الاختبار) في نهاية العام، وبعد اجتيازه هذا التقويم يعطى حافزاً، وهو الشهادة له بأنه ناجح.


(١) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب: بيان أن الدين النصيحة، حديث رقم (٥٥) .