للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- الرابعة: الآية التي حرمتها تحريما باتا مطلقا, وهي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ} إلى قوله: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} , والعلم عند الله تعالى.

وأما على قول من زعم أن السكر: الطعم, كما أختاره ابن جرير وأبو عبيدة, أو أنه الخل فلا إشكال في الآية.

قوله تعالى: {إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ} الآية. هذه الآية الكريمة فيها التصريح بأن الشيطان له سلطان على أوليائه, ونظيرها الاستثناء في قوله تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} .

وقد جاء في بعض الآيات ما يدل على نفي سلطانه عليهم كقوله تعالى: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلاَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطَانٍ} الآية, وقوله تعالى حاكيا عنه مقررا له: {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ} الآية.

والجواب: هو أن السلطان الذي أثبته له عليهم غير السلطان الذي نفاه؛ وذلك من وجهين:

الأول: أن السلطان المثبت له هو سلطان إضلاله لهم بتزيينه, والسلطان المنفي هو سلطان الحجة, فلم يكن لإبليس عليهم من حجة يتسلط بها غير أنه دعاهم فأجابوه بلا حجة ولا برهان, وإطلاق السلطان على البرهان كثير في القرآن.

الثاني: أن الله لم يجعل له عليهم سلطانا ابتداء البتة, ولكنهم هم الذين سلّطوه على أنفسهم بطاعته, ودخولهم في حزبه فلم يتسلط عليهم بقوة؛ لأن الله يقول: {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً} , وإنما تسلّط عليهم بإرادتهم واختيارهم, ذكر هذا الجواب بوجهيه العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى.