قوله تعالى:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} . هذه الآية الكريمة فيها التصريح بأن الله تعالى لا يعذب أحداً حتى ينذره على ألسنة رسله عليهم الصلاة والسلام, ونظيرها قوله تعالى:{رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} , وقوله تعالى:{ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ} , إلى غير ذلك من الآيات, ويؤيده تصريحه تعالى بأن كل أفواج أهل النار جاءتهم الرسل في دار الدنيا في قوله تعالى:{كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا} الآية. ومعلوم أنّ (كلما) صيغة عموم, ونظيرها قوله تعالى:{وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً} إلى قوله تعالى: {قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ} فقوله: {وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا} يعمّ كلّ كافر, لما تقرر في الأصول من أن الموصولات من صيغ العموم, لعمومها كلّما تشمله صلاتها كما أشار له في مراقي السعود بقوله: