فأي تلازم بين الصلاة والإسلام أكثر من هذا؟! وكفى بهذا المفهوم للصلاة في القرآن بياناً [٣٦] .
والذي يهمنا في هذا أنَّ الصلاة أُطْلِقَت في القرآن الكريم على الدين وعلى الإسلام، وعلى الإيمان.
وقد جاء في الآية التي هي موضوع البحث {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ ... } الآية.
وسبقتها الآية الكريمة:{الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ} وهذا معنى الإيمان.
فلو حُمِلَت الصلاة في الآية التي هي موضوع البحث على الإيمان، أو الدين، أو الإسلام، لم يكن في ذلك بُعْد؛ لوجود التلازم بين هذه الأمور في الاصطلاح الشرعي.
ولو قيل: إنَّ الصلاة في الشرع من الأمور التي إذا اجتمعت افترقت وإذا افترقت اجتمعت، كالإسلام والإيمان. لم أر في ذلك بعْداً أيضاً. وهذا الأمر هو الذي دعاني لذكر المعاني التي جاء القرآن بها للفظ الصلاة. أو التعبير عن الصلاة بما هو من لوازمها أو ثمراتها.
فيكون معنى الآية الكريمة: الذين إنْ مكَّناهم في الأرض أقاموا الإسلام، أو أقاموا الدين، أو أقاموا الإيمان. وهذا ما فهمه الصحابة رضي الله عنهم، وكذلك السلف الصالح من بعدهم؛ لأنَّ من لوازم إقامة الصلاة الشرعية العمل بالإسلام.
ولأنَّ الإيمان قولٌ وعمل، فالقول وُجِدَ من المهاجرين في مكَّة؛ ولذا قال -تعالى-: {إِلاَّ أَنْ يَقُولُواْ رَبُّنَا الله} . وأمَّا العمل الكامل بالإسلام فلَمَّا مكَّنهم اللهُ في الأرض، أمرهم في مقابل هذا التمكين أن يأتوا بحق الإيمان، وحق الإسلام، وحق الدين كاملاً، وحق الأخوة الإسلامية كاملاً؛ لعدم العذر.