للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمسلم عندما يدفع زكاة ماله يشعر بمسئوليته عن مجتمعه وعن تكافله مع المحتاجين فيه، فتغمره السعادة عندما يؤدي الأمانة ويأخذ بيد أخيه المعدم، ويرتفع به من ويلاتٍ حلَّت به فأفقرته وهو في هذا كله يستشعر قوله -تعالى-: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ. لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [المعارج: ٢٤-٢٥] .

٤ - الزكاة تنمي الروح الاجتماعية بين أفراد المجتمع:

لأنَّ المسلم حين يدفع الزكاة يشعر بعضويته الكاملة في الجماعة، فهو يشترك في واجباتها وينهض بأعبائها، فيتحول المجتمع إلى أسرةٍ واحدة يسودها التعاون والتكامل والتواد، ويتحقق فيها قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" [٧٣] .

والزكاة تعبير عملي عن أخوة الإسلام، وتطبيق واقعي لأخلاق المسلم من جانب المزكي، وهي - أيضاً - تجعل الفقير يعيش في المجتمع المسلم خالية نفسه من أي حقد أو حسد، ذلك لأنَّ حقه محفوظ في مال الغني، فنجده يحبه ويدعو له بالبركة وكثرة المال، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً" [٧٤] .

٥ - الزكاة امتحان للعبد من الله:

لأنَّ أداءها فيه امتحان لإيمان العبد بربه، وذلك لأنَّ المال محبوب لكل الناس، ودليل الإيمان الصادق مفارقة المحبوب والجود به "وشرط تمام الوفاء بالتوحيد أن لا يبقى للموحِّد محبوبٌ سوى الواحد الفرد الصمد، فإنَّ المحبة لا تقبل الشركة، والتوحيد باللسان قليل الجدوى، وإنَّ مِمَّا يمتحن به درجة الحب مفارقة المحبوب، والأموال محبوبة عند الناس؛ لأنَّها آلة تمتعهم بالدنيا، وبسببها يأنسون بهذا العالم، وينفرون عن الموت مع أنَّ فيه لقاء المحبوب، فامتحنوا بتصديق دعواهم في المحبوب، واستنزلوا عن المال الذي هو مرغوبهم" [٧٥] .