ولأنَّه قد سبق أنَّ الحقَّ لا يكفيه كونه حقّاً فقط، بل لابُدَّ له من دافع ومدافع تحقيقاً لقوله –تعالى-: {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُه}[الحج: ٤٠] ، وقوله -تعالى-: {وَالْعَصْرِ. إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ. إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ}[العصر: ١ - ٣] .
ومن يتتبع آيات القرآن الكريم يجد أنَّ الزكاة قُرِنَت بالصلاة في ثمانيةٍ وعشرين موضعاً [٧٩] ، وهذا دليل على كمال الاتصال بينهما. ثُمَّ إنَّ ذكر الصلاة في كثيرٍ من الآيات يجيء مقروناً بالإيمان أولاً، وبالزكاة ثانياً، وقد يقرن الثلاثة بالعمل الصالح. وهو ترتيب منطقي، فالإيمان أساس وهو عمل القلب*، والعمل الصالح من حيث الجملة دليل صدق الإيمان، وهو عمل الحس، وأول عمل يطالب به المؤمن الصلاة، وهي عبادة بدنية، ثُمَّ الزكاة وهي عبادة مالية.