أمَّا الملك عبد العزيز فلم يصغ إلى ذلك الوهم؛ لأنَّه يؤمن بالإسلام عقيدة وشريعة ونظاماً للحياة. وأنَّ التمسك بالإسلام يعصم من الضلال، فسارع في إنفاذ الشريعة وتطبيق أحكامها، "ولم يتعلل بعدم وجود فقه تفصيلي، ولم يَخَفْ من نتائج تطبيق الشريعة؛ لأنَّه لا يخاف من هذه النتائج إلاَّ من نوى الظلم والفساد في الأرض.
والملك عبد العزيز قد عرف من سيرته بأنَّه محب للعدل، مقيم له، كاره للفساد مقاومٌ له" [١٢] .
فلم يبتدع نظاماً، ولم يشرع قانوناً، بل ما عمله في هذا السبيل هو أنَّه أحيا سًنَّة القرآن الكريم، وأيقظ في النفوس وازع الإيمان، ففجر فيها القوة في التضحية والانضباط في التزام ما شرعه الله لعباده [١٣] .
وقد أطلنا في هذا التمهيد الذي يتقدم جهود الملك عبد العزيز - رحمه الله - في تقرير العقيدة الإسلامية، وهو الهدف العام من الدعامة الأولى من دعائم التمكين (إقام الصلاة) كما سبق. لكن المقام يتطلَّب هذه الإشارات للربط بين أجزاء الموضوع.
المطلب الأول: تقرير الملك عبد العزيز للهدف العام من الدعامة الأولى للتمكين، وهو (العقيدة) :
سلك الملك عبد العزيز - رحمه الله - منهجاً قويماً في ترسيخ العقيدة الصحيحة في البلاد مكَّنه هذا المنهج من إحلال الأمن والاستقرار وتحقيق الرخاء في البلاد.
يقوم هذا المنهج على ثلاث دعائم:
١ – توحيد الله تعالى وعبادته.
٢ - تطبيق الشريعة الإسلامية.
٣ – السعي إلى وحدة الأمَّة.
{إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: ٩٢] .
وامتداداً لجهود الشيخ محمد بن عبد الوهاب، والإمام محمد بن سعود رحمهما الله.
قام الملك عبد العزيز بجهودٍ عظيمة في تقرير العقيدة الصحيحة ونشرها والذَبّ عن حياضها.