ثانياً: عليك أن تجتهد في النظر في شئون الذين سيوليك الله أمرهم بالنصح سرّاً وعلانية، والعدل في المحب والمبغض، وتحكيم الشريعة في الدقيق والجليل والقيام بخدمتها باطناً وظاهراً.
ثالثاً: عليك أن تنظر في أمر المسلمين عامَّة" [٢٠] .
ومن أفعاله ما يلي:
١ - اختيار الشهادتين شعاراً لرايته وعلماً لمملكته وشارةً لبلاده.
٢ - اعتباره التوحيد القاعدة الرئيسة في حياة المسلمين - راعٍ ورعية، إمام ومأمومين - وإذ يقيم الملك عبد العزيز قلبه على توحيد الله فإنَّه في اللحظة ذاتها يُلْزِم من يلي أمرهم بتوحيد الله جلَّ شأنه [٢١] .
٣ - من فرط إحساسه بمعاني التوحيد أنَّه كان يقظاً لكل لفظ يجرح هذا التوحيد.
التقى يوماً بزعيمٍ عربي، وفي أثناء الحديث أراد الزعيم توكيد مسألة معيَّنة فقال - مخاطباً الملك عبد العزيز -: وحياة رأسك. فرمقه الملك عبد العزيز بنظرة موحدة وقال له: "قل: والله" [٢٢] .
وسمع شاعراً ذات يوم يلقي قصيدة أمامه بعد أن استأذن في إلقائها:
أنت أملنا وفيك الرجاء
... ... ... ... ...
فصاح الملك عبد العزيز قائلاً: "تخسأ. تخسأ". ولمح في المجلس أحد طلبة العلم فقال: "علِّمه التوحيد" [٢٣] .
فهو يدرك أنَّ هذه الألفاظ من معاني توحيد الألوهية لا يجوز صرف شيء منها لغير الله [٢٤] .
فالملك عبد العزيز كان داعية للتوحيد بقوله وفعله، وقد اقتدى به عدد كبير من دعاة التوحيد في العالم العربي والإسلامي، ومِمَّا يدل على ذلك أنَّ دعاة التوحيد في العالم الإسلامي كانوا يأتون ويجلسون إليه ويأخذون من أقواله ونصائحه ما يعزز نشاطهم ويحسن أساليبهم في الدعوة إلى التوحيد [٢٥] .
ولم يقتصر الأمر على مجرَّد النصائح، بل تعداه إلى الدعم المادي والمعنوي لهؤلاء الدعاة بغرض نصرة عقيدة التوحيد [٢٦] .