للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سبق أنَّ كثيراً من المفسرين جعلوا الآية - موضوع البحث - وهي قوله -تعالى-: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ} [الحج: ٤١] .

أقول: جعلوها متضمنة للغاية الكبرى من وجود الدولة المسلمة، وأنَّ وظيفة الدولة المسلمة تدور حول هذه الدعائم الأربع ومدى تطبيقها على الوالي والرعية.

وفي ذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -[٧٦] : "صلاح أمر السلطان بتجريد المتابعة لكتاب الله وسُنَّة نبيه صلى الله عليه وسلم، وحمل الناس على ذلك. فالله سبحانه وتعالى جعل صلاح أهل التمكين في أربعة أشياء:

١ - إقام الصلاة. ٢ - وإيتاء الزكاة.

٣ - والأمر بالمعروف. ٤ - والنهي عن المنكر.

فإذا أقام الصلاة في مواقيتها جماعة هو وحاشيته وأهل طاعته، وأمر بذلك جميع الرعية، وعاقب من تهاون في ذلك العقوبة التي شرعها الله، فقد تَمَّ هذا الأصل.

ثُمَّ كل نفع وخير يوصله إلى الخلق هو من جنس الزكاة، فمن أعظم العبادات: سد الفاقات، وقضاء الحاجات، ونصرة المظلوم، وإغاثة الملهوف.

والأمر بالمعروف: هو الأمر بما أمر الله به ورسوله من العدل والإحسان، وأمر نواب البلاد وولاة الأمر باتباع حكم الكتاب والسُنَّة واجتناب حرمات الله. والنهي عن المنكر: هو النهي عما نهى الله عنه.

وإذا تقدَّم السلطان بذاك في عامَّة بلاد الإسلام كان فيه من صلاح الدنيا والآخرة، وله وللمسلمين ما لا يعلمه إلاَّ الله، والله يوفقه لما يحبه ويرضاه" [٧٧] .

والملك عبد العزيز نحسبه من هؤلاء الذين عناهم شيخ الإسلام ابن تيمية بهذا الكلام.