المنكر) ، وألغى جميع النعرات الجاهلية، التي كانت عاملاً في تفتيت وحدة الأمة، وتدل خطواته الحكيمة على العناية الفائقة بالوحدة، مهتبلاً كل سانحة ومقتنصاً كل فرصة عارضة، ويوم دخل الحجاز منتصراً ومظفراً دعا علماء نجد والحجاز إلى مائدة مستديرة، تطرح فيها الآراء بحرية كاملة، وتغربل على بساطها مسائل الخلاف الصالحة للنقاش، وقد انفض الاجتماع عن اتفاق في وجهات النظر في جميع المسائل مما أزال الغمة عن القلوب، وكبت جهود أعداء الوحدة، الذين سعوا إلى تشوية سمعة علماء الدعوة السلفية، بمختلف الأكاذيب وألوان الدعايات المغرضة، وانعكس هذا الاجتماع الناجح بدوره على سكان نجد والحجاز، فقامت بينهم أخوة إيمانية راسخة لم تزدها الأيام والسنون إلا رسوخاً كما قال الملك الإمام:"إنا نحمد الله على جمع الشمل، وعلى جعل الحكم في هذه الديار، بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}[٤٣] فتغيير ما بأنفسنا يعود علينا بالضرر، وهذا الضرر هو أعظم من الجهل والفساد والجرائم، فالواجب عليكم، هو معرفة الله تعالى، والتمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وترك البدع والخرافات، والتأدب بآداب الشريعة، وتوثيق عرى الألفة وأواصر النصيحة والإخلاص"[٤٤] وقد أكرم الله تعالى شعب المملكة بهذه الوحدة الإيمانية، تحت راية التوحيد كما قال الملك خالد – رحمه الله –:"لقد وحد جلالة الملك عبد العزيز – رحمه الله – هذه المملكة تحت راية التوحيد الخالدة، لا إله إلا الله محمد رسول الله"[٤٥] .