- إن ملاحظة اللغات والأساليب التي كتبت بها التوراة وما تشتمل عليها من موضوعات وتشريعات وبيئات اجتماعية وسياسية وجغرافية تنعكس فيها تظهر أنها قد ألفت في عصور لاحقة لعصر موسى، مما يثبت أن هذه الأسفار قد كتبت بأقلام اليهود التي تعكس أفكارهم ونظمهم المتعددة في مختلف أدوار تاريخهم الطويل، مثال ذلك:
ورد في التوراة في سفر التكوين ١٤/١٤ أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام تتبع أعداءه إلى (دان) . وهي اسم مدينة لم تُسَمَّ بهذا الاسم إلا بعد موت يوشع بعد دخول بني إسرائيل فلسطين واستقرارهم بها، فقد ورد في سفر القضاة ١٨/٢٩ (وسمُّوا المدينة (دان) باسم أبيهم الذي ولد لإسرائيل وكان اسم المدينة قبل ذلك (لاييش) .
فكيف يذكر موسى - وهو يقص قصة إبراهيم - اسم مدينة لم تسمَّ بهذا الاسم إلا من بعده بزمن طويل جداً؟!!
تلك بعض الملاحظات التي جعلت الفيلسوف اليهودي باروخ سبنوزا (ت١٦٧٧م) يعلن صراحة قوله: من هذه الملاحظات كلها يظهر واضحاً وضوح النهار أن موسى لم يكتب الأسفار الخمسة، بل كتبها شخص آخر عاش بعد موسى بقرون عديدة ا. هـ[٢٧]
أضف إلى ذلك أيضاً اختلاف فرق اليهود في قبول ورفض بعض أسفار العهد القديم، فطائفة السامرة من اليهود لا تعترف إلا بالتوراة الخمسة الأسفار وتنكر ما عداها من الأسفار وتقبل منها سفري يوشع والقضاة باعتبارهما أسفارا تاريخية فقط. ويخالفها جمهور اليهود الذين يقبلون أسفار العهد القديم المذكورة. ويختلف مع اليهود أيضاً طائفة الكاثوليك من النصارى في قبول ورفض بعض أسفار العهد القديم.
الناحية الثانية: نقد المتن.
قال الله عز وجل:{أَفَلاَ يَتَدَبّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللهِ لوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً}[٢٨] .