للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالأول مثل: أنت ظالم إن فعلت. والثاني: ما كان فعلاً مضارعاً مقروناً بـ"ل"نحو: أنت ظالم إن لم تفعل، فلا يجوز: أنت ظالم إن تفعل.

ومذهب الكوفيين - ما عدا الفراء - جواز كون الشرط مضارعاً غير منفي بـ"لم"قياساً.

واستدلوا بقول الكميت بن معروف الأسدي:

لئن تك قد ضاقت عليكم بيوتكم

ليعلم ربي أن بيتي واسعُ

فجاء بجواب القسم المقترن باللام وهو قوله: "ليعلم ربي"، وحَذَف جواب الشرط مع كون فعل الشرط - وهو قوله: "تك"- مضارعاً غير منفي بـ"لم".

كما استدلوا بقول الشاعر:

يُثني عليك وأنت أهلُ ثنائه

ولديك إنْ هو يستزدك مزيدُ

حيث جاء الفعل المضارع "يستزدك"مجرداً من "لم". وهذا وأمثاله عند البصريين والفراء معدود في الضرائر. وعند ابن مالك قليل.

وبذلك يتبيّن أن ما أورده بعض المعربين للألفية على الناظم في حذف جواب الشرط في غير موضعه، من قبل أن الشرط في الأبيات السابقة متوافر فيه ما ذكره المحققون وهو كونه مضارعاً منفياً بـ"لم"في قوله:

والأمرُ إن لم يك للنون محل

وقوله: والعطفُ إن لم تتكرر "لا"احكما

وقوله: والضمُّ إن لم يلِ الابن علما

على أن الناظم يجيز - ولو بقلة - مجيء الشرط مضارعاً غير منفي بـ"لم"كما تقدم، فمن باب الأولى أن يجيز مجيئه مقروناً بها.

تقديم معمول الجزاء على الشرط:

في هذه المسألة خلاف بين البصريين، والكوفيين حيث أجاز الكوفيون تقديم معمول الجزاء على أداة الشرط نحو: زيداً إن تضربْ أضربْ. ومنعه البصريون.

واحتج المجيزون بأن الأصل في الجزاء أن يكون مقدماً على "إن"، إذ إن قولك - مثلاً -: "إن تضرب أضرب"الأصل فيه - عندهم -: أضربُ إن تضرب. فلما تأخر الجواب انجزم على الجوار، وإن كان من حقه أن يكون مرفوعاً. واستشهدوا لذلك ببعض الشواهد، كقول زهير بن أبي سلمى:

وإنْ أتاهُ خليلٌ يومَ مسألةٍ

يقولُ لا غائبٌ مالي ولا حَرِمُ