فإن قوله: "أوْجبْ" جواب الشرط على حذف الفاء للضرورة، والتقدير: إن تنادِ مصحوب "أل" أو تضفه فأوجب حذف "أل". فقدَّمَ معمول الجواب على الشرط ضرورة.
قصر الممدود:
أجاز العلماء للشاعر قصر الممدود في حال الضرورة، وقد لجأ ابن مالك في منظومته إلى هذه الضرورة في مواضع كثيرة حتى أكاد أقول بأنه يصعب حصرها وربما كان في البيت الواحد أكثر من موضع، وهي من الضرائر اليسيرة التي لا يترتب عليها - في الغالب - اختلافُ إعراب أو تغيُّرُ معنى.
وحسبي أن أشير إلى بعض هذه المواضع فقط لأمرين، أحدهما: خشية الإطالة، والثاني: أن إدراك بقية المواضع غير خافٍ على المتأمل.
قال في باب "الكلام وما يتألف منه":
بالجرِّ والتنوين والندا وألْ
ومسندٍ للاسمِ تمييزٌ حَصَلْ
فقصر كلمة "النداء"وهي ممدودة، لضرورة الوزن.
وقال في الباب نفسه:
بِتا فعلتَ وأَتَتْ ويا افعلي
ونونِ أقبلنَّ فعلٌ ينجلي
فقصر الناظم تاء "فعلت"وياء "افعلي" وهما في الأصل ممدودان وذلك لضرورة الوزن أيضاً.
وقال في باب "المعرب والمبني":
وارفع بواوٍ وانصبنَّ بالألفْ
واجرُرْ بياءٍ ما من الأسما أصِفْ
فكلمة "الأسماء"ممدودة لكن ضرورة الوزن قد ألجأت الناظم إلى قصرها.
وقال في باب "الأسماء الستة":
وشرطُ ذا الإعرابِ أنْ يُضَفْنَ لا
لليا كجا أخو أبيك ذا اعتلا
ففي هذا البيت ما ذكرته آنفاً من وجود غير لفظة مقصورة للضرورة، فهو هاهنا قد قصر - مضطراً - ثلاثة ألفاظٍ هي: "لليا"، و"كجا"، و"اعتلا"وأصل الكلام بالمد:
للياء كجاء أخو أبيك ذا اعتلاء
وقال في باب "ما ولا ولات":
إعمالَ ليس أُعملتْ ما دون إنْ
مع بقا النفي وترتيب زُكِنْ
الأصل: مع بقاء النفي، بالمدّ، لكنه قصر لضرورة الوزن.
وقال في باب "ظنَّ وأخواتها":
وجوّزِ الإلغاءَ لا في الابتدا
وانوِ ضميرَ الشأنِ أو لامَ ابتدا
فقوله: "في الابتدا"، و"لام ابتدا" كلاهما بالقصر للضرورة.
ومنه قوله في باب "جمع التكسير":