وقال – تعالى - في شأن من لم ينزّه الله عمّا نزّه عنه نفسه مما لا يليق بجلاله وكماله – سبحانه - من النقائص والعيوب:{وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الجِبَالُ هَدًّا أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا} فهؤلاء غلطوا في صفة من صفات التنزيه تنزيه الله عن الولد فهو – سبحانه - الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحدٌ، وقد وصف الرب – سبحانه - غلطهم هذا بأنَّه {إِدًّا} أي عظيماً بالغ العظمة والخطورة، تكاد السموات على اتّساعها أن تتفطّر منه، والأرض على ترامي أطرافها أن تنشقّ والجبال على قُوَّتها وصلابتها أن تخرَّ هداًّ، كلُّ ذلك بسبب تفوُّه هؤلاء بهذه المقالة الجائرة، المشتملة على هذا الغلط الفاحش في صفة من صفات الرب سبحانه، فكيف الشَّأن بمن كثرت أغلاطهم في هذا الباب، وتنوَّع باطلهم فيه؟!
وروى البخاري ومسلم عن أمِّ المؤمنين عائشة – رضي الله عنها - أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلاً على سريّة وكان يقرأ لأصحابه في صلاته فيختم بـ {قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ} ، فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال:"سلوه لأيِّ شيء يصنع ذلك؟ "، فسألوه فقال: لأنَّها صفة الرحمن، وأنا أحبُّ أن أقرأ بها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أخبروه أنَّ الله يحبُّه".
وقد دلَّ هذا الحديث على عظم شأن الإيمان بصفات الرب ومحبّتها والحرص على تعلُّمها، وأنَّ ذلك سببٌ عظيمٌ من أسباب دخول الجنة ونيل رضى الرب – سبحانه -.