ولذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في مقدمة العقيدة الواسطية:"ومن الإيمان بالله الإيمانُ بما وصف به نفسه في كتابه وبما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، بل يؤمنون بأنَّ الله – سبحانه - {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} ، فلا ينفون عنه ما وصف به نفسه، ولا يحرفون الكلم عن مواضعه، ولا يلحدون في أسماء الله وآياته، ولا يكيِّفون ولا يمثِّلون صفاته بصفات خلقه، لأنه – سبحانه - لا سميّ له ولا كفء ولا ندّ له، ولا يقاس بخلقه - سبحانه وتعالى -، فإنه أعلم بنفسه وبغيره، وأصدق قيلاً وأحسن حديثاً من خلقه، ثم رسله صادقون مصدَّقون بخلاف الذين يقولون على الله ما لا يعلمون، ولهذا قال:{سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلاَمٌ عَلَى المُرْسَلِينَ وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ}(١) فسبّح نفسه عما وصفه به المخالفون للرسل وسلّم على المرسلين لسلامة ما قالوه من النقص والعيب.
وهو - سبحانه - قد جمع فيما وصف وسمّى به نفسه بين النفي والإثبات، فلا عدول لأهل السنة والجماعة عما جاء به المرسلون، فإنَّه الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصدّيقين والشهداء والصالحين".
رابعاً: وأما قوله:"والسؤال عنه بدعة"فلأنَّ السؤال عنه والبحث فيه أمرٌ لم يشرع للعباد، بل دلّت النصوص على عدم إمكان ذلك، وأنَّه لا سبيل إلى العلم به.
ولهذا فإنَّه من خاض فيه وبحث عن علمه يكون قد قال على الله بلا علم، وقد قال الله تعالى:{أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} .