ورواه الذهبي في العلوّ من طريق النجَّاد قال: حدّثنا معاذ بن المثنى حدّثني محمد بن بشر حدّثنا سفيان [وهو الثوري] قال: "كنت عند ربيعة بن أبي عبد الرحمن ... "فذكره.
قال الألباني:"وهو صحيح".
ورواه البيهقي في الأسماء والصفات من طريق عبد الله بن صالح بن مسلم قال: سئل ربيعة الرأي عن قول الله - تبارك وتعالى -: {الرَّحْمَنُ عَلَى العَرْشِ اسْتَوَى} كيف استوى؟، قال:"الكيف مجهول، والاستواء غير معقول، ويجب عليَّ وعليكم الإيمان بذلك كلِّه".
هكذا لفظه:"الكيف مجهول، والاستواء غير معقول"، وهو مخالف للفظ السابق في الطريقين المتقدِّمين، وفي إسناده عبد الله بن صالح بن مسلم وهو أبو صالح المصري كاتب الليث، قال الحافظ في التقريب:"صدوق كثير الغلط، ثبت في كتابه، وكانت فيه غفلة".
ثم هو أيضاً لم يدرك ربيعة، فقد كان مولده سنة سبع وثلاثين ومائة كما في ترجمته في تهذيب الكمال، وكانت وفاة ربيعة الرأي على الصحيح كما في التقريب لابن حجر سنة ست وثلاثين ومائة.
أورد هذه الآثار الثلاثة - أعني أثر أم سلمة وربيعة ومالك - ابنُ قدامة في كتابه (ذمّ التأويل) ثم قال: "وهذه الأقوال الثلاثة متقاربة المعنى واللفظ، فمن المحتمل أن يكون ربيعة ومالك بلغهما قول أم سلمة فاقتديا بها وقالا مثل قولها لصحته وحسنه وكونه قول إحدى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، ومن المحتمل أن يكون الله تعالى وفقهما للصواب وألهمهما من القول السديد مثل ما ألهمها".
وقد تقدّم أنَّ أثر أم سلمة - رضي الله عنها - لم يثبت عنها، فلم يبق إلاّ الاحتمال الثاني وهو أنَّ الله وفقهما للصواب وألهمهما هذا القول السديد، وربما أنَّ مالكاً - رحمه الله - سمعه من شيخه فاقتدى به، أو أنَّه لم يسمعه منه ولكن وُفِّق إليه كما وُفِّق إليه شيخه.
وذكر الذهبي في كتابه الأربعين أنَّ هذا الأثر يروى أيضاً عن وهب بن منبِّه، لكن لم أقف عليه في مصادر التخريج.