بعد استعراض الأقوال في هذه المسألة اتضح أن الأقوال فيها خمسة المشهور منها ثلاثة: الوجوب والسنية والتفصيل وإن كان كل قول منها لا يسلم من اعتراض لكن قد يكون الاعتراض له حظ من النظر وقد لا يكون له حظ من النظر وفي هذا المبحث أود أن أورد فيه الاعتراضات الواردة على أدلة كل قول ومناقشتها قدر الإمكان مع ذكر أقوال أهل العلم في ذلك فأقول:
مناقشة أدلة أصحاب القول الأول:
نوقشت أدلة أصحاب القول الأول.
أما الدليل الأول وهو حديث أبي هريرة فاعترض عليه من وجهين:
الأول: بأن المراد به وليمة العرس وذلك لأن الوليمة إذا أطلقت فالمراد بها وليمة العرس.
قال الحافظ ابن حجر: عقب تبويب البخاري "باب حق إجابة الوليمة والدعوة": كذا عطف الدعوة على الوليمة فأشار بذلك إلى أن الوليمة مختصة بطعام العرس ويكون عطف الدعوة عليها من العام بعد الخاص وقد تقدم بيان الاختلاف في وقته.
وأما اختصاص اسم الوليمة به فهو قول أهل اللغة فيما نقله عنهم ابن عبد البر وهو المنقول عن الخليل بن أحمد وثعلب وغيرهما وجزم به الجوهري وابن الأثير وقال صاحب المحكم: الوليمة طعام العرس والإملاك، وقيل كل طعام صنع لعرس وغيره.
وقال عياض في المشارق: الوليمة طعام النكاح وقيل: الإملاك وقيل: طعام العرس خاصة.
وقال الشافعي وأصحابه: تقع الوليمة على كل دعوة تتخذ لسرور حادث من نكاح أو ختان أو غيرهما، لكن الأشهر استعمالها عند الإطلاق في النكاح وتقيد في غيره فيقال: وليمة الختان ونحو ذلك.
وقال الأزهري: الوليمة مأخوذة من الوَلم الجمع وزناً ومعنى لأن الزوجين يجتمعان.
وقال ابن الأعرابي: أصلها من تتم الشيء واجتماعه.
وجزم الماوردي ثم القرطبي بأنها لا تطلق في غير طعام العرس إلا بقرينة وأما الدعوة فهي أعم من الوليمة ... اه.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: الوليمة تختص بطعام العرس في مقتضى كلام أحمد في رواية المروذي.