للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما رواية أبي داود وابن عدي والبيهقي "من دعي فلم يجب فقد عصى الله ورسوله ... " فإنها تدل على العموم وعدم التخصيص بالعرس لكنها ضعيفة كما تقدم بيان ذلك.

لكنه ورد عند أبي يعلي وصححه الحافظ بلفظ "إذا دعي أحدكم إلى وليمة فليجبها ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله".

فجعل العصيان مقيداً بمن لم يجب دعوة الوليمة لا كل دعوة.

وأما رواية "عرساً كان أو نحوه" فإنها تدل على عدم التخصيص بوليمة العرس لأنه قال أو نحوه لكن يمكن أن يجاب عنه:

بأن يقال هذه الرواية تدل على أنه لا يجب إجابة كل دعوة وذلك لأن الحديث أمر بإجابة دعوة العرس ونحوه فما المراد بهذا النحو؟ فهل المراد به نحوه من حيث الكبر أو غير ذلك؟ إلا أن يقال بينه فهم ابن عمر وأنه كان يأتي في العرس وغير العرس لكن هذا لا يدل على الوجوب أيضاً لأن تطبيق ابن عمر للإتيان إنما هو لكونه مأموراً بهذا ولو كان على سبيل الاستحباب، لما عُرف عنه من شدة تحريه للسنة وقد يكون أخذ إتيان وليمة العرس من هذا الحديث وغير وليمة العرس من أحاديث أُخر كحديث البراء وغيره ففعله لا يدل على وجوب الجميع والله أعلم.

وقال الطحاوي: قد يحتمل أن يكون ذلك من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وقد يحتمل أن يكون من كلام رواة هذين الخبرين.

وقد روى حديث ابن عمر هذا جماعة عن نافع بغير ذكر هذا المعنى الذي هو خلاف العرس ثم ساقه من طريق عمر بن محمد العمري عن نافع بلفظ "إذا دعيتم فأجيبوا".

ومن طريق موسي بن عقبة عن نافع بلفظ "أجيبوا الدعوة إذا دعيتم لها".

ومن طريق أيوب السختياني عن نافع بلفظ "ائتوا الدعوة إذا دعيتم".

ثم قال: فاحتمل أن تكون تلك الدعوة المرادة في هذه الآثار هي الدعوة المذكورة في الآثار الأول فتتفق هذه الآثار ولا تختلف فنظرنا هل رُوي شيء يدل على أنها تلك الدعوة كما ذكرنا؟