هذا القول وسط بين القولين السابقين الوجوب مطلقاً والسنية مطلقاً والأدلة التي استدلوا بها ظاهرة الدلالة على هذا القول بالجملة إلا أنه قد ينازع في بعضها وهي التي فيها الأمر بإجابة الدعوة مطلقاً من غير تقييد بالوليمة إذ الأصل في الأمر الوجوب إلا أن يصرفه صارف إلا أن يقال إن الصارف لهذه الأدلة عن الوجوب - غير وليمة العرس - هو:
١- ما أخرجه مسلم والنسائي من طريق حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس رضي الله عنه أن جاراً لرسول الله صلى الله عليه وسلم فارسياً كان طيب المرق فصنع لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جاء يدعوه فقال:"وهذه؟ " لعائشة، فقال:"لا"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا" فعاد يدعوه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وهذه؟ " فقال: "لا" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا" ثم عاد يدعوه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وهذه؟ " قال: نعم في الثالثة فقاما يتدافعان حتى أتيا منزله".
ووجه الدلالة هو أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دعاه قال: "لا" لما لم يوافق على مجيء عائشة رضي الله عنها معه ولو كان الأمر في الدعوة للوجوب لما قال لا وهذه الدعوة ظاهرها أنها ليست دعوة عرس فهذا قد يستأنس به على أنه مخصص لدعوة غير العرس فتحمل على الاستحباب.
٢- حديث أبي هريرة رضي الله عنه: "شر الطعام طعام الوليمة يدعى لها الأغنياء ويترك الفقراء ومن ترك الدعوة فقد عصى الله ورسوله".
وحديث ابن عمر رضي الله عنهما رواية أبي يعلي "إذا دعا أحدكم إلى وليمة فليجبها ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله".
ووجه ذلك هو أنه أطلق العصيان على من لم يجب الدعوة إلى الوليمة ولم يرد هذا الحكم في غير الوليمة إلا في رواية عن أبي داود وغيره من حديث ابن عمر "من دُعِيَ فلم يجب فقد عصى الله ورسوله"لكنها ضعيفة كما تقدم.