ورجح الطحاوي هذا القول وأطال في الجواب عن الأحاديث كما تقدم نقل غالب كلامه والله أعلم.
مسألة: إجابة الدعوة لمن كان صائماً
ظاهر الأحاديث الواردة تدل على أن الصوم ليس بعذر يمنع من إجابة الدعوة كما ذكر ذلك غير واحد من أهل العلم.
ومن هذه الأحاديث:
١- حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دعي أحدكم فليجب فإن كان صائماً فليصل وإن كان مفطراً فليطعم" وفي لفظ "إذا دعي أحدكم إلى طعام وهو صائم فليقل إني صائم".
أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي وتقدم وله شاهد من حديث جابر عند ابن ماجه ومن حديث ابن مسعود عند النسائي والطبراني ومن حديث ابن عمر عند أبي داود والبيهقي وتقدمت.
٢- عموم الأحاديث الواردة في إجابة الدعوة لم تستثن الصائم.
٣- أن هذا فعل ابن عمر رضي الله عنهما يجيب الدعوة وهو صائم وكذا ورد عن يعلي بن مرة وأبي أيوب رضي الله عنهما.
قال النووي عقب حديث ابن عمر "ويأتيها وهو صائم": فيه أن الصوم ليس بعذر في الإجابة وكذا قاله أصحابنا قالوا: إذا دعي وهو صائم لزمه الإجابة كما يلزم المفطر ويحصل المقصود بحضوره وإن لم يأكل ... ".
وقال في الروضة: والصوم ليس عذراً في ترك إجابة الدعوة.
وقال العراقي: إن الصوم ليس عذراً في ترك الإجابة.
وقال الحافظ ابن حجر: ويؤخذ من فعل ابن عمر أن الصوم ليس عذراً في ترك الإجابة ولاسيما مع ورود الأمر للصائم بالحضور والدعاء، نعم لو اعتذر به المدعو فقبل الداعي عذره لكونه يشق عليه أن لا يأكل إذا حضر أو لغير ذلك كان ذلك عذراً له في التأخر.
وقال الشوكاني في حديث ابن عمر: وفي الحديث دليل على أنه يجب الحضور على الصائم ولا يجب عليه الأكل لكن هذا بعد أن يقول للداعي إني صائم كما في الرواية الأخرى فإن عذره في الحضور بذلك وإلا حضر.
وقال الصنعاني في حديث أبي هريرة: فيه دليل على أنه يجب على من كان صائماً أن لا يتعذر بالصوم.