للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومعنى تمنى في البيتين قرأ وتلا. وفي صحيح البخاري عن ابن عباس أنه قال:"إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته إذا حدث ألقى الشيطان في حديثه". وقال بعض العلماء: "إذا تمنى أحب شيئا وأراده فكل نبي يتمنى إيمان أمته والشيطان يلقى عليهم الوساوس والشبه ليصدهم عن سبيل الله, وعلى أن (تمنى) بمعنى قرأ وتلا كما عليه الجمهور, فمعنى إلقاء الشيطان في تلاوته إلقاؤه الشبه والوساوس فيما يتلوه النبي ليصد الناس عن الإيمان به, أو إلقاؤه في المتلو ما ليس منه ليظن الكفار أنه منه, وهذه الآية لا تعارض بينها وبين الآيات المصرحة بأن الشيطان لا سلطان له على عباد الله المؤمنين المتوكلين, ومعلوم أن خيارهم الأنبياء كقوله تعالى: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ, إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ} , وقوله تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} , وقوله: {فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} , وقوله: {وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلاَّ أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي} , ووجه كون الآيات لا تعارض بينها أن سلطان الشيطان المنفي عن المؤمنين المتوكلين في معناه وجهان للعلماء:

الأول: أن معنى السلطان الحجة الواضحة, وعليه فلا إشكال إذ لا حجة مع الشيطان البتة كما اعترف به فيما ذكر الله عنه في قوله: {وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي} .