في هذا إشارة إلى وظيفة الصفة، فالله عز وجل وصف نفسه بصفات كثيرة، تَعَرَّفَ بها إلى عباده، وهذه الصفات هي التي تميز الخالق عز وجل عما سواه وتُظْهِرُ للعباد كمال الرب عز وجل وعظمة شأنه، وجلال قدرته، وتزيد العبد معرفة بالله عز وجل، ولا شك أن حاجة الناس إلى معرفة ربهم هي أعظم الحاجات، ولذلك تَعَرَّفَ الله لعباده بصفاته، ليكون ذكرهم له أعظم وأكثر، "وكلما كانت حاجة الناس إلى معرفة الشييء وذكره أشد وأكثر، كانت معرفتهم به وذكرهم له أعظم وأكثر، وكانت طرق معرفته أكثر وأظهر، وكانت الأسماء المعرِّفة له أكثر، وكانت على معانيه أدل".
وهذا الشأن حاصل في باب أسماء الله وصفاته، فالله هو أجل معلوم وأعظمه وأكبره. ولذلك كان العلم بأسماء الله وصفاته وأفعاله أجل العلوم وأشرفها وأعظمها، فمن عرف الله عرف ما سواه ومن جهل ربه فهو لما سواه أجهل، فالعلم بالله أصل كل علم وهو أصل علم العبد بسعادته وكماله ومصالح دنياه وآخرته، والجهل به مستلزم للجهل بنفسه ومصالحها وكمالها وما تزكو به وتفلح به، فالعلم به سعادة العبد والجهل به أصل شقاوته.
وعلى أساس العلم الصحيح بالله وأسمائه وصفاته يقوم الإيمان الصحيح والتوحيد الخالص، وتنبني مطالب الرسالة جميعها.
فالمعرفة لله تَلْزَمُ العبد المؤمن لينعقد بها أصل الإيمان ولتجعله في سلامة من الكفر والشرك المخرجين من الإيمان.
جـ ـ "ووردت به نصوص الكتاب والسنة"
أي يجب الوقوف في هذا الباب على ما جاءت به نصوص الكتاب والسنة الصحيحة، فلا نثبت لله تعالى من الصفات إلا ما دل الكتاب والسنة على ثبوته.
قال الإمام أحمد:"لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم لا يُتَجاوز القرآن والحديث".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية:"القول الشامل في جميع هذا الباب أن يوصف الله بما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله، وبما وصفه به السابقون الأولون لا يُتَجاوز القرآن والحديث".