فنحن إذا وقفنا وقفةَ تأمل عند نصوص الكتاب والسنة الواردة في هذا الشأن نجد الحقائق التالية:
أن الله أطلق على نفسه أسماء كـ (السَّميع) و (البصير) ، وأوصافاً كـ (السمع) و (البصر) ، وهكذا أخبر عن نفسه بأفعالها فقال:{قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا}[المجادلة ١] ، وقال تعالى:{وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}[آل عمران ١٥] . فاستعملها في تصاريفها المتنوعة، مما يدل على أن مثل ذلك يجوز إطلاقه عليه في أي صورة ورد.
وأطلق على نفسه أفعالاً كـ (الصُّنع) و (الصِّبغة) و (الفعل) ونحوها. قال تعالى:{صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْء}[النمل ٨٨] ، وقال تعالى:{صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً}[البقرة ١٣٨] وقال تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ}[هود ١٠٧] ، لكنه لم يَتَسَمَّ ولم يصف نفسه بها ولكن أخبر بها عن نفسه، ممَّا يدل على أنَّها تخالف الأوَّل في الحكم فوجب الوقوف فيها على ما ورد.
ووصف نفسه بأفعال في سياق المدح كـ (يريد) و (يشاء) فقال جلَّ شأنه: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ}[الأنعام ١٢٥] وقال تعالى: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}[التكوير ٢٩] إلا أنه لم يشتق له منها أسماء فدل على أن هذا النوع مخالف للقسمين الأولين، فوجب رده إلى الكتاب والسنة وذلك بالوقوف حيث أوقفنا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
ووصف نفسه بأفعال أخرى على سبيل المقابلة بالعقاب والجزاء فقال تعالى:{يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُم}[النساء ١٤٢] وقال تعالى: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّه}[الأنفال ٣٠] . ولم يشتق منها أسماء له تعالى فدل ذلك على أن مثل هذه الأفعال لها حكمٌ خاصٌ فوجب الوقوف على ما ورد.